يرى المعهد العربي للتخطيط أن تنمية القطاع الخاص بشكل عام والمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بشكل خاص يتطلب إيجاد حلولاً للتحديات الكثيرة التي تواجه القطاع الخاص، كما يتطلب إجراءات تعمل على تعزيز مستوى ثقة كبار المستثمرين الأجانب والمحليين ورواد الأعمال المبادرين والعاطلين عن العمل والحرفيين بهذا القطاع وفرص النمو والتطور فيه. إن تشجيع الشباب على الانخراط في مجال العمل الحر والاستثمار في قطاع المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والنشاطات المدرة للدخل يتطلب توفير مجموعة من الأفكار الاستثمارية المجدية التي تعبر عن فرص استثمارية حقيقية، ولكن مع التركيز على مدى تميزها ومستوى الابتكار والإبداع فيها، وحجم القيمة المضافة الناجمة عنها، ودرجة ابتعادها عن التقليد الذي أصبح ملجأ لصغار المستثمرين الذين يحاولون تجنب أنواع وأشكال المخاطرة التي يستشعرونها. ومن جانب آخر، لا بد من العمل على تمكين رواد الأعمال وتهيئتهم للقيام بالأعمال وإتمام كافة مراحل المشروع، كما يجب أن يرافق ذلك بيئة استثمارية مناسبة وبنية تحتية تسهل عملية القيام بالأعمال والاستثمار.
ومن هذا المنطلق، دأب المعهد العربي للتخطيط على تقديم كافة أشكال الدعم الفني والمؤسسي لتوفير قائمة من الفرص الاستثمارية، حيث حرص على تطوير منهجية عملية لإعداد خرائط فرص الاستثمار أو ما اصطلح على تسميتها "الخرائط الاستثمارية" التي أصبحت أداة فاعلة في مجال تحفيز وترويج الاستثمار المحلي والأجنبي بكافة أحجامه ومستوياته، وأداة تنموية تساعد في تحفيز التوجه نحو المشروعات الصغيرة والمتوسطة. لذا تعتبر خرائط الاستثمار أداة تنموية متعددة الأغراض تدعم جهود تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعمل على تشجيع وترويج الاستثمار المحلي والأجنبي، وتساعد في الانخراط في العمل الحر، وتقلل المخاطر المتوقعة من قبل بعض المستثمرين، وتساعد في معالجة الاختلالات الهيكلية في هيكل الاستثمارات والإنتاج. وتقوم فكرة الخرائط الاستثمارية على تحديد القطاعات الواعدة والرائدة ودراسة العناقيد الاقتصادية المرتبطة بهذه القطاعات والعمل على تحليلها من أجل تحديد المسارات الضعيفة في سلاسل القيمة لمنتجات هذه القطاعات وتحديد فرص الاستثمار التي تقوي هذه المسارات وتسد الفجوات السوقية الموجودة. ويحرص المعهد في منهجيته على تقديم قائمة واضحة ومبررة من الفرص الاستثمارية، بالإضافة إلى كافة متطلبات ومقومات نجاح عملية تحويل هذه الأفكار والفرص إلى مشروعات حقيقية على أرض الواقع، وتحدد الخرائط الاستثمارية الجدوى الاقتصادية والقومية والمالية لقائمة المشروعات المدرجة، كما تحدد التوزيع الجغرافي لها.
وتكتسب خرائط الاستثمار التي يعدها المعهد أهمية كبيرة من طبيعة أهدافها التي تعد من أجلها، ومن شموليتها، ومن مخرجاتها واتساع شريحة المستفيدين من هذه المخرجات، وتبرز أهميتها كذلك من دورها في تنويع القاعدة الإنتاجية وفي توجيه الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية المحلية والأجنبية لإقامة أنشطة اقتصادية متنوعة تتلاءم والمميزات النسبية والتنافسية التي تتميز بها كل دولة أو منطقة.