Contents :
تختلف طبيعة مشكلة
العمالة في الاقتصاد الكويتي عن غيرها في بقية دول العالم النامي، فالمشكلة
العمالية في معظم دول العالم النامي تتمثل في الزيادات السكانية الهائلة وما يترتب
عليها من ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض مستويات المعيشة وتفشي الفقر. أما في
الاقتصاد الكويتي، فإن مشكلة العمالة لا تتعلق بالناحية الكمية وإنما بالناحية
التركيبية والتوزيعية فالمشكلة العمالة تتمثل في اختلال التركيبة السكانية
والعمالية لصالح الوافدين. والتوزيع السيئ لقوة العمل بين القطاعات والأنشطة
الاقتصادية المختلفة. وعلى الرغم من غياب سياسة سكانية وعمالية رسمية واضحة
المعالم في دولة الكويت إلا أن الحكومة تدرك بوضوح حجم وأبعاد المشكلة السكانية
والعمالية وتداعياتها على مسيرة الاقتصاد الكويتي، والدليل على ذلك هو تبني
الحكومة هدف معالجة الاختلال السكاني والعمالي وتنمية الموارد البشرية في خططها
الخمسية المتعاقبة وفي إطار برامجها التنموية.
فلقد أسفرت السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة الكويتية خلال العقود
الماضية عن ظهور بعض الاختلالات الهيكلية والتي ازدادت حدتها مع مرور الزمن وتمثلت
تلك الاختلالات في ضعف القدرة الإنتاجية للقطاعات غير النفطية والاستمرار في
الاعتماد على القطاع النفطي كمصدر رئيسي للدخل القومي وشيوع أنماط استهلاكية اتسمت
في الكثير من الأحيان بمظاهر الترف واتساع دور الدولة في النشاط الاقتصادي حتى
اصبح الإنفاق العام هو المحرك الأساسي لمختلفة الأنشطة الاقتصادية في الدولة . هذا
بالإضافة إلى اختلال التركيبة السكانية وهيكل قوة العمل في البلاد حتى اصبح
الكويتيين أقلية في وطنهم.
لذا، تهدف هذه الورقة إلى استعراض أهم التطورات
التي مر بها الاقتصاد الكويتي ، وذلك للتعرف على مظاهر الاختلال في ذلك الاقتصاد
وعلى رأسها إلى اختلال التركيبة السكانية وهيكل قوة العمل وما تمثله تلك
الاختلالات من تهديد خطير لجهود التنمية في الاقتصاد الكويتي ولاسيما جهود التنمية
البشرية والوقوف على الأسباب التي أدت إلى ظهور تلك الاختلالات ومن ثم الأخذ
بأساليب العلاج.
يقدم الجزء التالي من هذه الورقة استعراض لأهم إفرازات الماضي خلال حقبة السبعينات
والثمانينات و التسعينات وذلك من خلال مراجعة لمسيرة الاقتصاد الكويتي. ويقدم
الجزء الثالث مناقشة لأهم الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الكويتي ويقدم الجزء
الرابع أهم خصائص وتطورات سوق العمل الكويتي بما في ذلك أهم سمات سياسات العمل
بينما يتعرض الجزء الخامس إلى خصائص التنمية البشرية وعلاقة التعليم بسوق العمل.
وأخيراً، يقدم الجزء السادس الخلاصة.