المكتبة الرقمية // إصدارات المعهد العربي للتخطيط

سلسلة دراسات تنموية - الضرائب، هبة الموارد الطبيعية وعرض العمل في الدول العربية ودول مجلس التعاون



الضرائب، هبة الموارد الطبيعية وعرض العمل في الدول العربية ودول مجلس التعاون


المجلد :

العدد : 36

الناشر : المعهد العربي للتخطيط - الكويت

المؤلفون : د.بلقاسم العباس ، د. وشاح رزاق

التاريخ : 5/1/2010


تعانيأسواق العمل في الدول العربية النفطية منها وغير النفطية، كسائر أسواق العملالعالمية، من مشكلات قصيرة وطويلة الأجل، بشكلٍ يعكس مستويات التنمية المتفاوتةبين هذه الدول. غير أن أحد الفوارق الرئيسية بين أسواقنا والأسواق العالمية تتمثلفي عدم توفر البيانات الإحصائية الكافية لتحليل سوق العمل، مما يجعل السياساتالاقتصادية التي تعتمد على معطيات سوق العمل مضللة وتؤدي إلى اتخاذ قرارات وسياساتغير سليمة، ونحن نسعى إلى سياسات اقتصادية تعتمد على مبدأ البحث العلمي كأساس لها.فعلى سبيل المثال، إذا ما كان متوسط عدد ساعات عرض العمل غير متوفر، فإنه لا يمكنمعرفة مرونة عرض العمل، أي أنه لا يمكن معرفة درجة تأثر العرض بتغير الأجرالحقيقي. وفي حالة التفكير بقوانين وسياسات ضريبية مستقبلية، فإنه لا بد من معرفةمدى تأثير الأجر الحقيقي الصافي (أي بعد الضريبة) على عرض العمل، أو على سياساتالضمان الاجتماعي والفقر. في نهاية الأمر، فإن مناقشة إنتاجية العامل، والإنتاجيةالحدية، وكثير من نقاط الارتكاز الرئيسية للقرارات الاقتصادية السليمة، تتطلب توفرالبيانات الإحصائية التي تعكس الواقع في سوق العمل. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدموجود بيانات عن متوسط عدد ساعات العمل، يجعل مقارنة إنتاجية الدول العربية بالدولالأخرى معدومة، وبالتالي فإنه لن يتوفر مقياس معياري للتنمية الاقتصادية المأمولة.السؤال المهم الذي ستطرحه هذه الورقة هو: هل يعمل العرب أقل من غيرهم؟ ولماذا؟.وهناك أسئلة محورية أخرى تتطلب الإجابة الدقيقة عليها، الإجابة على السؤال الرئيسيعن متوسط عدد ساعات العمل أو عرض العمل. ومن خلال هذه الورقة سيتم استعراض تقديراتمتوسط عدد ساعات العمل، وقياس مرونة العرض لعدد من الدول العربية النفطية، ذاتالعمالة الشحيحة والدول العربية غير النفطية، ذات العمالة الفائضة، ومقارنةالنتائج بمثيلاتها في الدول السبع الصناعية العظمى G7. ثم سيتم تفسير أسباب الاختلاف في عرض العمل. أما الأسئلةالمحورية الأخرى التي ستسعى هذه الورقة إلى الإجابة عليها، فأولها سيكون عن كيفيةاستخدام تقديرات عرض العمل لوضع سياسة اقتصادية لمعالجة الفقر. وكما يعلم الجميع،فإن المعهد العربي للتخطيط، يولي موضوع الفقر في العالم العربي الكثير من الاهتماموالمناقشة في ملتقيات علمية متنوعة؛ نظراً لأهميته وعلاقته بشكلٍ وثيقٍ بالتنميةالاقتصادية. أما ثاني الأسئلة المحورية، فهو عن السياسات الضريبية المزمع العملبها، أو على الأقل التفكير بها من قبل بعض الدول الخليجية، على الاستهلاك أو الدخلوتأثير تلك السياسات على سوق العمل وعلى الرفاه الاقتصادي. وثالث الأسئلة المحوريةهو عن النفط كمورد طبيعي يغذي اقتصاديات الدول الخليجية وبعض الدول العربية، ومدىتأثيره على عرض العمل وعلى الرفاه الاقتصادي. إن طريقة البحث التي استُخدمت فيإعداد الورقة العلمية هي طريقة متبعة ومعروفة في مثل هذه الأدبيات، حيث يتماستخدام النظرية الاقتصادية لغرض حساب وتقدير عرض العمل في حالة انعدام البيانات،فالنظرية الاقتصادية لسوق العمل تؤكد على أن متوسط عرض العمل في المدى الطويليعتمد على: معدل الضريبة، وحصة رأس المال في الإنتاج، ونسبة الاستهلاك في الناتجالقومي الإجمالي، وهذا ما سيتم تناوله من بيانات تقديرية ترسم معالم أسواق العملفي الدول العربية، بالاستناد على النظرية الاقتصادية. ونأمل أن تكون هذه المساهمةعاملاً مساعداً في ترصين السياسات الاقتصادية. وإثراءً للنقاش حول أسواق العملالعربية ومدى تأثير السياسات الضريبية على القرار الاقتصادي العربي، فإن الورقةستستعرض اليوم مساهمات أخرى على المستويين المحلي والعالمي يهمنا الإشارة إليها.فعلى الصعيد المحلي، سيتم التطرق إلى بعض التنبؤات عن متوسط ساعات العمل للعقدينالقادمين في أسواق العمل الخليجية، حيث يمكن اعتبار تلك التنبؤات استقراءات منطقيةمبنية على النظرية الاقتصادية وبعض الفرضيات المعقولة. كما سيتم التحدث عن سُبلمُعالجة الفقر في المغرب، كمثال على علاقة الفقر بسوق العمل والسياسة المالية. أماعلى المستوى العالمي، فستناقش الورقة كيف أن صحّة النظرية تعتمد على عدد البراهينالمستمدة من البيانات الإحصائية لدول مختلفة، وكيف أن النتائج الخاصة بالدولالعربية التي تم التوصل إليها - والتي لم تكن متوفرة قبل اليوم -ستقدم دعماًإضافياً للنموذج الاقتصادي الذي استخدم لتحليل أسواق العمل في أسواق الدول غيرالعربية فقط. وسيتبين للجميع النموذج الاقتصادي الذي تم تطويره لعرض العمل، لكييتلاءم مع أسواق العمل التي ليس فيها ضرائب، كدول الخليج العربي التي تعتمد علىالنفط كمصدر أساسي للتنمية الاقتصادية. في نهاية المطاف، نود الإشارة إلى نتيجتينمهمتين من خلال هذه الورقة النقاشية : الأولى هي أن زيادة الإيرادات النفطية -كحصة من الناتج القومي الإجمالي - تعمل عمل الضرائب، أي تخفض من متوسط عدد ساعاتالعمل، وبالتالي تؤدي إلى تخفيض عرض العمل، ومن ثم إلى تخفيض الرفاه الاقتصادي،وليس العكس كما يعتقد البعض. ومن الواضح أن هذه النتيجة تدعم ما توصل إليه العديدمن الباحثين ومتخذي القرار السياسي من قناعة لتنويع مصادر الدخل. كما أن هذهالنتيجة مطابقة لنظرية "لعنة الموارد الطبيعية"، التي تتنبأ بأن المواردالطبيعية لها تأثير سلبي على النمو الاقتصادي؛ كون الريع يكبح الحوافز، ويعرقلالتوزيع الأمثل لعوامل الإنتاج. أما النتيجة الثانية، فهي إمكانية التقليل منالفقر بشكل فعّال؛ وذلك عن طريق السياسة المالية التي تسعى إلى خفض معدلات الضرائبعلى الأفراد، لغرض زيادة عرض العمل. يحاول هذا العدد من سلسلة الخبراء الإجابة علىمجموع التساؤلات المطروحة وطرحها بطريقة علمية شيقة، نأمل أن تنال استحسان القراءوالباحثين. 

تحميل الملف مجاناً