عقد المعهد العربي للتخطيط برنامجاً تدريبياً حول"استخدام النماذج الاقتصادية الكلية في رسم السياسات الاقتصادية" خلال الفترة من 24/4/2016 إلى 28/4/2016 لصالح طلبة الدكتوراه بقسم الاقتصاد في جامعة الجزائر 3 في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. هدف البرنامج إلى تمكين المشاركين من التعرف على مختلف المنهجيات العلمية التي طورت منذ نشأة نشاط النمذجة الاقتصادية الكلية وكيفية إستخدام هذه النماذج في عملية تقييم السياسات العامة.
بدأ البرنامج بتعريف ماهية النماذج الاقتصادية الكلية وكيفية صياغتها وتوصيفها رياضيا وكيفية تقدير وتمييز معالمها. وبعد ذلك تم التطرق بإسهاب لعملية تطوير وبناء النماذج الهيكلية القائمة على صياغة المعادلات الآنية والتي استخدمت منذ نشأتها في فهم بنية الاقتصاد الكلي، وإجراء التنبؤات وكذلك تقييم السياسات العامة من خلال حساب المضاعفات باستخدام طرق المحاكات. تطرق اليوم الثاني والثالث من البرنامج للإشكالات المتعددة التي واجهتها هذه النماذج والتي أدت إلى فشلها. حيث إنها تعرضت لجملة من الانتقادات تمخض عنها مجموعة من النماذج المنافسة للنماذج القياسية الهيكلية. رأى اقتصاديون من مدرسة لندن للاقتصاد أن سبب الفشل يعود إلى تجاهل الخصائص الديناميكية والإحصائية للعملية التي تولد البيانات واقترحوا منهجية علمية منضبطة لتوصيف العلاقات الاقتصادية في نموذج بسيط يمثل بحق عملية إنتاج البيانات. أما الانتقاد الثاني فقد ركز على طريقة تمييز النماذج والتي اعتبروها غير مبررة واقترحوا تطوير نماذج متجهات الانحدار الذاتي كبديل للنماذج التقليدية الهيكلية. وأصبحت نماذج متجهات الانحدار الذاتي خاصة التي تعرف بنماذج متجه الانحدار الذاتي الهيكلية تستخدم لتقييم الصدمات العشوائية التي تتعرض لها الاقتصادات في إطار تفسيرات نظريات ونماذج الدورة التجارية الحقيقية. اليوم الرابع من البرنامج ركز على كيفية معالجة التوقعات في النماذج الهيكلية والتي كانت عموما تصاغ على أساس أنها امتدادا للسلوك الماضي. رأى منتقدو هذه الممارسات أن الأعوان يشكلون توقعاتهم المستقبلية بشكل عقلاني ووفق سلوكهم الأمثل القائم على تعظيم الرفاه في ظل قيد الموارد على مدار حياتهم. بالإضافة إلى ذلك فانهم يغيرون سلوكهم عند تغير المعلومات المتاحة لديهم خاصة تلك المتعلقة بالسياسات المستقبلية مما يجعل هذه غير صالحة لتقييم السياسات المستقبلية. أدى هذا الانتقاد إلى بروز نماذج منافسة قائمة على مبادئ السلوك الأمثل للأعوان الاقتصاديين ومتسقة مع التوقعات العقلانية وكذلك الخصائص العشوائية للبيانات وتسمى النماذج الديناميكية العشوائية للتوازن العام. هذه الانتقادات أدت إلى تطوير النماذج التقليدية الهيكلية بحيث أصبح بالإمكان افتراض التوقعات العقلانية وكذلك اللجوء إلى مبادى السلوك العقلاني للأعوان الاقتصاديين. هذه التوجهات أدت في نهاية المطاف إلى ذوبان الاختلافات بين مختلف المدارس الاقتصادية في دراسة الاقتصاد الكلي وكيفية بناء نماذج قياسية تستخدم في تقييم السياسات العامة. ركز اليوم الخامس على كيفية تطوير النماذج على أرض الواقع من خلال تنظيم ورشة عمل في قاعة الحاسوب تم خلالها بناء نموذج معياري صغير تم من خلاله توضيح كل الخطوات التطبيقية بدءا من عملية بناء قاعدة البيانات إلى صياغة النموذج وتقدير معادلاته واستخدامه في تقييم السياسات وفي التنبؤ الاقتصادي