لقد انحصر الاهتمامبموضوع الأضرار البيئية تاريخياً في جمعيات النفع العام البيئية، والأجهزة الرسميةلمتابعة التطورات البيئية في الدول المتقدمة. أما في الدول النامية فقد لعب برنامجالأمم المتحدة للبيئة، وبعض المنظمات الإقليمية، دوراً رئيسياً في متابعة هذاالنوع من التطورات. إلا أنه ومنذ صدور نظام الحسابات القومية لعام 1993 بدأالاهتمام يتزايد في دمج الاعتبارات البيئية ضمن آلية تركيب الحسابات القومية. وذلكمن خلال إصدار العديد من الأنظمة المحاسبية البيئية والقواعد الاسترشادية،والمناهج المختلفة. على أن يتم تناولها من خلال ما يسمى بالحسابات"المحلقة". وبدأ الاهتمام يتزايد في الأصول الطبيعية وتقييمها واحتسابالاندثارات البيئية المرتبطة بهذه الأصول.
ونظراً لتعرض الاقتصادالعراقي لثلاث حروب منذ عام 1980 ولغاية عام 2003، فقد نتج عن ذلك، بالإضافةللأضرار الاقتصادية الفادحة والنتائج الاجتماعية الضارة، أضرار بيئية مرتبطةباستخدام اليورانيوم المخضب، وتعرض الكثير من المصانع الكيماوية للقصف الجوي،وللنهب والسلب، وانهيار أنظمة الصرف الصحي، وغرق العديد من السفن، ذات الحمولةالضارة بيئياً، في شط العرب ومداخل الخليج العربي، وتفجيرات أنابيب النفط، وتآكلغابات النخيل، واندثار مساحات شاسعة من الأهوار لأسباب داخلية وخارجية، وذلك في ظلانهيار نظم الصيانة والتجديد. وما نتج عن ذلك، بالإضافة لأسباب أخرى، انتشارلأمراض مستعصية لم يشهدها العراق في تاريخه الحديث.
لذا فقد بدأ الاهتمام بتقييم مثل هذه الأضرارالبيئية حيث يقوم برنامج الأمم المتحدة للبيئة بإصدار تقارير متابعة دوريةللتطورات البيئية في العراق، بالإضافة إلى الجهود الإنسانية والطيبة التي تقوم بهاالعديد من جمعيات النفع العام مثل السلام الأخضر، وأوكسفام، لتحديد هذه الأضرارالبيئية والعمل على الحدّ منها. وتحاول هذه الحلقة أن تناقش مصادر الأضرارالبيئية، في ظل المتاح من المعلومات، والإشارة إلى المناهج المختلفة التي يمكن منخلالها تضمين الاعتبارات البيئية في نظام الحسابات القومية. ثم القيام بمحاولةأولية لتعديل أرقام الناتج المحلي الإجمالي، والدخل القومي الإجمالي في العراق أولالألفية. وذلك بالاعتماد على ما هو متاح من متقديرات للأضرار البيئية، سواء تلكالخاصة بتقديرات البنك الدولي، أو مبالغ التعويضات البيئية المدفوعة لبعض الدولضمن آلية لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة. وغني عن البيان بأن الوصول إلىتقديرات شاملة للأضرار البيئية يحتاج إلى جهد أوسع وأكبر، وذلك بهدف الوصول إلىتقديرات محاسبية قومية بيئية أكثر دقة وشمولية.